الشافي في شرح المقنع "الشرح الكبير"
شمس الدين المقدسي
الشافي في شرح المقنع "الشرح الكبير"
نبذة عن الكتاب

كتاب "الشافي في شرح المقنع"، والمشهور باسم: "الشرح الكبير" هو للعلامة شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن ابن الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي، وهو ابن أخي الموفق ابن قدامة صاحب المغني، وشمس الدين تولى منصب قاضي القضاة، وانتهت إليه رياسة المذهب في زمانه، وقد استأذن شمس الدين عمه الموفق بشرح: "المقنع" وأن يكون كتاب "المغني" هو مادة شرحه فأذن له، وقد أبان شمس الدين عن غايته ومنهجه في الشرح بقوله: (هذا كتاب جمعته في شرح "كتاب المقنع" تأليف شيخنا الشيخ الإمام العالم العلامة موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي رضي الله عنه، اعتمدت في جمعه على كتابه المغني، وذكرت فيه من غيره ما لم أجده فيه من الفروع والوجوه والروايات، ولم أترك من كتاب المغني إلا شيئاً يسيراً من الأدلة، وعزوت من الأحاديث ما لم يعز مما أمكنني عزوه). هذا ويعد هذا الشرح أول شروح المقنع، ومن اصطلاح الحنابلة أنه إذا قيل: قال الشارح، أو قاله في الشرح؛ فيراد به: أول شارح لأي كتاب، ومنه هنا إذا أطلق هذا الاصطلاح يراد به: "الشرح الكبير" لابن أبي عمر؛ لأنه أول شارح لكتاب: "المقنع". وهذا الكتاب لم يسمه مؤلفه في مقدمة الكتاب كما هي عادة المؤلفين، ولكن في بعض المخطوطات سمي بـ "الشافي" وفي بعضها سمي بـ "تسهيل المطلب في تحصيل المذهب"، لكن الاسم الذي اشتهر به هو "الشرح الكبير". وشمس الدين التزم في ترتيبه للشرح ترتيب المقنع، ولكن الكتاب لما طبع مع المغني في طبعاته الأولى رتب على ترتيب المغني الذي هو موافق لمختصر الخرقي، ولكن ترتيب الموفق ابن قدامة في المقنع مخالف لترتيب الخرقي، بل إن الطبعات التي صدرت منفصلة للشرح الكبير بعد ذلك التزمت ترتيب المغني أيضا، وهذا خطأ، ويظهر الترتيب الجديد للموفق في تقديمه لكتاب الجهاد قبل البيوع وليس بعد الحدود كما كان في مختصر الخرقي، ويشير البعض إلى أن السبب في ذلك هو نظرة علماء المذهب إلى الملاءمة الموضوعية بين الجهاد وموضوع العبادة؛ حيث إنه من باب الدعوة إلى الله تعالى ونشر الإسلام الذي هو من أعظم القرب إلى الله تعالى. ولترتيب ابن قدامة للأبواب الفقهية أهمية خاصة، وهو ما يوضحه بكر أبو زيد بقوله: (ولما جاء "ابن حنبل الثاني" الموفق ابن قدامة ت سنة (620 هـ)، وألف المتون الثلاثة: "العمدة" و"المقنع"، و"الكافي" صار الماتنون تبعا له في الترتيب من طبقته المتوسطين، ثم طبقة المتأخرين إلى الآخر واستقر أمر الناس على ذلك)، وفي الطبعة التي بين أيدينا يوافق ترتيب الشرح ترتيب المقنع. وقد جاء الكتاب مشتملا على الفروع الفقهية مقسمة إلى كتب وأبواب وفصول، مبتدئا بأبواب العبادات المشتملة على أركان الإسلام من الصلاة والزكاة والصوم والحج، ثم أتبعها بكتاب الجهاد، ثم تكلم عن المعاملات مفتتحا بالبيوع وما يليها من أبواب المعاملات المختلفة كالوكالة والشركة، ثم تناول أحكام الوصايا والفرائض والعتق، ثم تناول أحكام الأسرة مبتدئا بالنكاح ثم بصور الفراق المختلفة وما يتبعها من العِدد والحضانة والنفقة، ثم تناول أحكام الجنايات والديات والحدود والأطعمة والصيد والأيمان والقضاء والشهادات، ومختتما بالإقرار. وطريقته في الشرح أنه يذكر المسألة من المقنع فيجعلها كالترجمة ثم يذكر مذهب الموافق فيها والمخالف لها ويذكر ما لكل من دليله ثم يستدل ويعلل للمختار ويزيف دليل المخالف، فمسلكه مسلك الاجتهاد إلا أنه اجتهاد مقيد في مذهب أحمد. والنسخة المحققة التي بين أيدينا تشتمل على ثلاثة كتب، وهي متن المقنع في الأعلى ثم الشرح الكبير في الوسط ثم الإنصاف للمرداوي في الأسفل، وجاءت المسائل والموضوعات متناسقة ومتوازية ليسهل الاطلاع عليها، وفكرة دمج الثلاثة كتب معا هي في الأصل مقترح مقدم من العلامة ابن عثيمين رحمه الله وأعد لذلك نموذجا ليتم الإخراج على منواله، وقد بُذل في التحقيق جهدا كبيرا في ضبط النص وتنسيقه وتصحيحه وتشكيله كاملا وتخريج أحاديثه، وتوثيق نصوصه بالرجوع إلى المصادر التي نقل عنها شمس الدين، كما اشتمل التحقيق على ترقيم مسائل مختصر المقنع الواردة في الشرح الكبير فبلغت 5204 مسألة، وبالإضافة إلى فهرس الموضوعات في كل مجلد تم تذييل الكتاب بأكثر من عشرة فهارس فنية شاملة جاءت في مجلدين مستقلين بلغا قرابة ألفي صفحة؛ حيث اشتملا على فهارس الآيات والأحاديث والآثار والأعلام والأبواب الفقهية وغير ذلك، بالإضافة إلى كشاف المسائل والفصول والفوائد، وختما بفهرس المراجع التي اعتمد عليها في التحقيق.