هذا الكتاب هو أحد شروح مختصر خليل في فروع الفقه المالكي. وقد دفع المصنف إلى تأليف شرحه ما طلبه منه بعض طلبته من احتياجهم إلى مدونة في الفقه تشرح الموضوعات الفقهية على شروط ثلاثة: أن تكون مختصرة، وأن تكون على مذهب الإمام مالك، وأن تبين الراجح من الأقوال في المذهب. وقد التزم الدردير رحمه الله بهذه الشروط، فقال في مقدمة كتابه: "اقتصرت فيه على فتح مغلقه وتقييد مطلقه، وعلى المعتمد من أقوال أهل المذهب". ومن ثم فإنه يوضح هدفه من كتابه بقوله: "اقتصرت على قول كان هو الراجح الذي تجب به الفتوى وإن اعتمد بعض الشراح خلافه". وقد وصف الشارح كتابه هذا بالشرح المختصر على المختصر، وهو ليس مطولا بالنسبة إلى غيره من الشروح. وتأتي أهمية الكتاب أولا من أهمية أصله الذي يعد من أمهات كتب المذهب لشهرته حتى صار المعتمد فيه في القرون المتأخرة. ثم إن مؤلفه من أعلام الفقه المالكي المتأخرين في القرن الثاني عشر الهجري، وإليه انتهى مشيخة المالكية، وله العديد من المؤلفات أشهرها "أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك" و"الشرح الصغير على أقرب المسالك". وقد اعتمد الشارح على ما ذكره الأجهوري والزرقاني، واقتصر فيه على الراجح من الأقوال. واتبع في محتواه نفس ترتيب الأصل، فرتب الأبواب الفقهية على النحو التالي: الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والاعتكاف والحج والأيمان والجهاد وخصائص النبي والنكاح والخلع والطلاق والإيلاء والظهار واللعان والعدة والبيوع والسلم والقرض والرهن والدَّيْن والشفعة والإجارة واللقطة والشهادة والحدود والمكاتب والوصية والفرائض. وليس للكتاب طبعة مستقلة غير المخطوط، إلا أنه قد تمت طباعته مع حاشيته المشهورة وهي حاشية الشيخ محمد بن عرفة الدسوقي المالكي (ت١٢٣٠ه)، وهو تلميذ للشارح. ورغم شهرة الشرح الكبير إلا أنه كان بحاجة لتوضيح المشكل فيه، ومن ثم جاءت تقييدات الدسوقي لتحل تلك الإشكالات وتوضح الغامض منه بتقريرات واضحة العبارات وسهلة المأخذ. وقد صدرت أول طبعة من حاشية الدسوقي على الشرح الكبير في أربعة أجزاء، سنة١٢٨٢هـ بمطبعة بولاق، بمصر، وأعيد طبعها مع تقريرات للشيخ محمد عليش -صاحب كتاب "منح الجليل شرح على مختصر سيدي خليل"- في أربعة أجزاء كذلك بمطبعة التقدم العلمية سنة ١٣٢٨هـ..