هو الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي حامد العدوي المالكي الأزهري الخلوَتي، الشهير بأحمد الدردير، أحد أبرز الفقهاء والأصوليين، وصوفي مشهور له تأليفات عديدة في التصوف واللغة والفقه وعلم الكلام.ولد بقرية بني عدي التي تسكنها قبيلة بني عدي القرشية في أسيوط بصعيد مصر سنة 1127 هـ/1715م، وينتهي نسبه إلى عمر بن الخطاب. وقد تلقب بـ (الدردير) لأن قبيلة من العرب نزلت ببني عدي، وكان كبيرهم رجل مبارك من أهل العلم والفضل يدعى الدردير، فلقب الشيخ أحمد به تفاؤلًا.حفظ القرآن وجوده، وحبب إليه طلب العلم، فقدم الجامع الأزهر وحضر دروس العلماء الأجلاء. أخذ العلوم عن الشيخ الصعيدي ولازمه وانتفع به وأخذ عن الشيخ أحمد الصباغ وأخذ عن الملوي والحفني وأخذ طريق أهل التصوف عنه وصار من أكابر أهل التصوف في الطريقة الخلوتية.وقد أخذ الشيخ الدردير عن جملة من الأعلام المبرزين منهم: الشيخ محمد الدفراوي، الشيخ أحمد الصباغ، الشيخ الملوي، والشيخ الجوهري، الشيخ علي الصعيدي العدوي ولازَمه في كل دروسه حتى ظهرت نجابته ونباهته، وأخذ طريق التصوف وعلومه على الشيخ شمس الدين الحفني، وبه تخرج في طريق القوم، فتلقن الذكر وطريقة الخلوتية منه حتى صار من أكبر خلفائه، وغيرهم.أخذ عن الشيخ الدردير كثرة من العلماء الأجلاء تخرجوا به وانتفعوا بعلومه، منهم: الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، وأبو الخيرات مصطفى العقباوي الذي أكمل شرح أقرب المسالك، وأبو العباس أحمد بن محمد الصاوي، وأبو الفلاح صالح بن محمد بن صالح السباعي، وأبو الربيع سليمان بن محمد الفيومي، وغيرهم.لقب الدردير بشيخ أهل الإسلام وبركة الأنام لتفوقه في الفنون العقلية والنقلية، وقد كان صوفيا زاهدا، قوالا للحق، زجارا للخلق عن المنكرات والمعاصي، لا يهاب واليًا ولا سلطانًا ولا وجيهًا من الناس، وكان سليم الباطن مهذب النفس كريم الأخلاق ولما توفي الشيخ علي الصعيدي تم تعيينه شيخًا على المالكية فكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كلا من الراعي والرعية، ولا تأخذه في الله لومة لائم وله في السعي على الخير يد بيضاء.ومن أشهر مواقفه المشهودة التي تواتر الخبر بها موقفه مع أحد الولاة العثمانيين والذي أراد فور تعيينه أن يكون الأزهر هو أول مكان يزوره حتى يستميل المشايخ لعلمه بقدرتهم على تحريك ثورة الجماهير في أي وقت شاءوا وعند حدوث أول مظلمة، فلما دخل ورأى الإمام الدردير جالسا مادًا قدميه في الجامع الأزهر وهو يقرأ وردَهُ من القرآن غضب؛ لأنه لم يقم لاستقباله والترحيب به، وقام أحد حاشيته بتهدئة خاطره بأن قال له: إنه مسكين ضعيف العقل ولا يفهم إلا في كتبه يا مولانا الوالي. فأرسل إليه الوالي صرة نقود مع أحد الأرقاء فرفض الشيخ الدردير قبولها وقال للعبد: (قل لسيدك من مد رجليه فلا يمكن له أن يمد يديه) فكان الشيخ قدوة في الحال والمقال.وللشيخ مؤلفات كثيرة، منها: شرح مختصر خليل - وهو عمدة الفقه المالكي - أورد فيه خلاصة ما ذكره الأجهوري والزرقاني، أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك (متن في فقه المالكية)، الشرح الصغير على أقرب المسالك (أكمله تلميذه الشيخ مصطفى العقباوي)، نظم الخريدة السنية في العقيدة السنية، شرح على ورد الأذكار للشيخ كريم الدين الخلوتي، شرح مقدمة نظم التوحيد للسيد محمد كمال البكري، رسالة في المعاني والبيان، رسالة أفرد فيها طريق حفص في القراءات، رسالة في المولد النبوي الشريف، رسالة في شرح قول الوفائية (يا مولاي يا واحد يا مولاي يا دائم يا علي يا حكيم)، شرح على رسالة الشيخ البيلي في مسألة (كل صلاة بطلت على الإمام بطلت على المأموم)، شرح على منظومة للشيخ أحمد البيلي في المستثنيات، شرح على رسالة في التوحيد من كلام العلامة الدمرداش، رسالة في الاستعارات الثلاث، شرح على آداب البحث والتأليف، شرح على الشمائل المحمدية ولم يتمه، رسالة في صلوات شريفة "المورد البارق في الصلاة على أفضل الخلائق"، التوجه الأسنى بنظم الأسماء الحسنى (تسمى بمنظومة الدردير)، وغيرها من المؤلفات.تعلل أياما ولزم الفراش مدة حتى توفي يوم 6 ربيع الأول سنة 1201هـ، الموافق 27 ديسمبر سنة 1786م وقد صلي عليه بالجامع الأزهر بمشهد عظيم حافل، ودفن بزاويته التي أنشأها بجوار ضريح يحيى بن عقب، وهو مسجد الآن. رحمه الله رحمة واسعة.