التربية الجمالية في الإسلام
صالح أحمد الشامي
التربية الجمالية في الإسلام
نبذة عن الكتاب

هذا الكتاب هو الثالث والأخير من سلسلة "دراسات جمالية إسلامية" لعالم الحديث السوري والمدرس بالمعاهد التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد سبقه الجزء الأول "الظاهرة الجمالية في الإسلام" والجزء الثاني "ميادين الجمال في الظاهرة الجمالية في الإسلام". وقد افتتح الكاتب السلسلة في الجزء الأول بالرد على ما قد يتوقع من تعجب القارئ من البحث في هذا الميدان، فيذكرنا ابتداء بأن الدروس العملية الأولى التي تلقاها الجيل الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت دروسا وثيقة الصلة بالجمال، فقد تعلموا كيف يكون الصبر جميلا وكذلك الهجر الجميل والصفح الجميل. ثم يبين قصة توجهه لهذا الموضوع حين كان يتلو القرآن الكريم محاولا الوقوف على الخطوط العريضة التي يتميز بها القرآن المكي بغرض كتابة بحث قصير عن ذلك في كتاب "من معين السيرة"، فتلا إذ ذاك قول الله تعالى في سورة يوسف {فصبر جميل}، واستوقفه ذلك الوصف وبدأ يبحث في التفاسير وكتب اللغة ثم "كتب الجمال"، فلم يجد ما يشفي غليله، واستقر لديه أن للإسلام نظرة جمالية عامة، والقرآن مرجعها الوحيد، وهي ظاهرة جمالية صبغت المنهج الإسلامي بصبغتها، فهي ليست عملا تزيينيا أو وصفا إضافيا بل هي في طبيعة مادة المنهج وفي خواصها. والقرآن وحده يستقل بصياغة هذه الظاهرة وبيانها، أما السنة فلها الدور الكبير في الشق التطبيقي للظاهرة وهو ما يمكن أن يسمى "بالتربية الجمالية". ولا يصلح أن تستعار لهذه الظاهرة القوالب من هنا وهناك، علما بأن ما يسمى "علم الجمال" هو علم حديث ظهر بهذا الاصطلاح على يد الفيلسوف الألماني "جوتيب بومجارتن" في القرن الثامن عشر الميلادي. وقد تبين للكاتب من مواد البحث التي تجمعت لديه أن هناك ثلاث نقاط تتركز حولها مادة هذا الموضوع، منها ما يعتبر قواعد وأسس، ومنها ما يرجع إلى الجانب التطبيقي، ومنها ما يرجع إلى أثر المنهج في بناء النفس من الوجهة الجمالية. ويتحدث الكاتب في الجزء الثالث الذي بين أيدينا بشكل عام عن التربية الجمالية من خلال الحديث عن جماليات المنهج الذي وضع لتربية هذا الإنسان. وقد جاء هذا الجزء في ثلاثة أبواب، وباب رابع خصصه الكاتب لبعض اللوحات الجمالية لتكون نماذج من جماليات هذا الدين. فالباب الأول موضوعه التربية الجمالية، ويتناول مفهوم التربية، ومفهوم التربية الجمالية، والمؤيدات، والجمال التربوي، ثم قواعد عامة. والباب الثاني يتناول التشريعات الجمالية في المنهج الإسلامي، ويشمل جماليات الجسم، وجماليات اللباس، وجماليات الهيئة، وجماليات الكلام، وجماليات الفكر، وجماليات العلم، وجماليات الأخلاق، ومكانة جمال الباطن، ثم التربية وجماليات المنهج. والباب الثالث عن الإحساس بالجمال، ويشمل الحديث عن الإحساس بالجمال، وعندما يغيب المنهج. والباب الرابع حول لوحات جمالية، وتشمل سبع لوحات: يسبح، الصلاة، عدل، مشاركة أكثر من وجدانية، درس في الحس الجمالي، مقياس جمالي، أمراء للبيع. ويقصد الكاتب بالتربية الإسلامية الجمالية عملية تقويم وتوجيه لسلوك الإنسان هدفها تطبيق المنهج الإلهي بالاستعانة بالوسائل والطرق التي حددها المنهج نفسه، حيث تعد "التربية الجمالية" في الإسلام بمثابة عملية تقويم وتوجيه أكثر منها عملية تغيير، وهدف هذه التربية هي إعداد "الإنسان الصالح". ومفهوم التربية الجمالية هو حصيلة لقاء بين "التربية" وبين "علم الجمال" بشكل تكاملي يحقق مفهوم العبادة في غايته مستعينًا بفلسفة علم الجمال للوصول إلى المثل العليا في "تربية" الإنسان المسلم.ومن الجدير بالذكر أن الدراسة تميز بين الفن والجمال، وما من شك في أن الصلة وثيقة بين الفن والجمال، فمن غاية الفن تحقيق الجمال، ولكنه تارة يدرك هذه الغاية وتارة تفوته فيصور الظواهر القبيحة، والجمال في المقابل لا يستغني عن الفن كميدان من ميادينه الفسيحة، ولكن لا يستطيع أن يتخلى عن مجالاته الأخرى التي منها الطبيعة والإنسان.والكتاب يتميز بأسلوبه الجميل الذي يمزج بين الأدبي والعلمي، ويستند في تحليله وتقريره إلى مجموعة من المراجع العربية والأجنبية، ويعد من الكتابات الرائدة في هذا المجال.