أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراة تقدم بها الباحث لقسم الفقه بكلية الشريعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، دفع المصنف لتأليفه هو جمع كل الأحكام الفقهية التي تؤثر فيها الاستطاعة والتي هي مبثوثة في كتب الفقه، بحيث تكون مرجعا لمن أراد استقراء أحكام الاستطاعة في مختلف أبواب الفقه. ولقد قسم المصنف كتابه إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة عشر فصلا وخاتمة؛ ففي المقدمة ذكر الدافع لاختيار هذا الموضوع ومنهجه في البحث، ثم ابتدأ المصنف البحث بمقدمات عن الاستطاعة فذكر أهم التعريفات وكذا الأنواع والتقسيمات بالاعتبارات المختلفة، ثم عرج على الأحكام المتعلقة بالاستطاعة من مثل (الإطاقة والمشقة والحرج والإكراه) منوها على الفروقات الدقيقة في الأحكام بينها وبين الاستطاعة. ثم سرد في ثلاثة عشر فصلا الأحكام الفقهية المبنية على الاستطاعة في مختلف أبواب الفقه مبتدءا بالطهارة في الفصل الأول ومختتما أبواب العبادات بالفصل السادس بالاستطاعة في الجهاد، ثم شرع في بيان أحكامها في المعاملات في الفصل السابع وهو الاستطاعة في العقود ثم المكاتبة والمداينة ثم النكاح فالنفقات ثم الجنايات والحدود ثم الكفارات واختتمها بالفصل الثالث عشر وهو الاستطاعة في الشهادات. وفي الخاتمة أجمل الأحكام التي ذكرها؛ وهو في هذا كله سلك منهجا واحدا وهو ذكر الحكم المتعلق بالاستطاعة في أي مبحث من مباحث الفصل ثم اختلاف المذاهب فيه بالأدلة ووجه الاستدلال في كل مذهب ثم الترجيح وثمرة الخلاف في النهاية، وقد أشار في مقدمته إلى إنه غالبا ما يجعل القول الأول هو القول الذي ترجح لديه. ويمتاز الكتاب بحسن التقسيم والترتيب، ووضوح العناوين، مع الاختصار في العرض، وإجمال المعنى بعد تفصيله وشرحه. ولقداعتنى المصنِّف بالهوامش حتى أخذت حيزا ليس بالقليل في أغلب صفحات الكتاب ما بين عزو وتخريج وشرح للغريب وترجمة للأعلام حتى المشهورين، وقد امتازت أغلب هوامشه بالاختصار، إلا إنها لكثرتها قد تشوش نوعا ما وتقطع استرسال القراءة في صلب الكتاب. وهو يذكر التخريج الحديثي ضمن الهوامش بذكر الكتب التي أخرجته إن كان خارج الصحيحين وينقل أحكام أهل الحديث المتقدمين في الغالب على الحديث سواء. ومما يؤخذ على الكاتب اقتصاره على جمع المسائل وبحثها فقهيا دون التحليل والتقعيد للاستفادة من مجموع الأحكام المذكورة في التفريع والتخريج عليها، إضافة إلى إغفال الكثير من الأحكام الشرعية والتي قد يكون أثر الاستطاعة فيها أقوى وأولى وأدل على مقصود الشارع، من مثل أحكام الهجرة والحسبة والتجسس وأحكام السياسة الشرعية بعامة وكذا الأحكام العقدية كالولاء والبراء والسمع والطاعة وغير ذلك، والكتاب في مجمله جد نافع في استعراض موضوع هام لا يستغن عنه مسلم في الأزمان المعاصرة؛ نظرا لتغير الأحوال وطروء النوازل، والتي تحتاج إلى تمكن واجتهاد مبني على قواعد متينة من أحكام الشرع.