يصنف هذا الكتاب ضمن كتب الشروح الفقهية على المذهب الحنفي. وهو في حقيقته شرح موسع على كتاب الهداية الذي هو شرح لبداية المبتدي وكلاهما للمرغيناني الحنفي رحمه الله. ولكن ابن الهمام الذي مكث يحقق فتح القدير نحو ثلاثين عاما وافته المنية قبل أن يتمه حيث وصل إلى باب الوكالة، وقد أتمه القاضي زاده وسماه "نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار". وقد دفع ابن الهمام إلى كتابة هذا الشرح حاجة الناس إلى شرح جامع للمصنف الرئيس في المذهب الحنفي وهو الهداية. وهو يبين في مقدمة كتابه سبب تسميته بهذا الاسم فيقول: "ولما جاء بفضل الله ورحمته أكبر من قدري بما لا ينتسب بنسبة علمت أنه من فتح جود القادر على كل شيء فسميته ولله المنة فتح القدير للعاجز الفقير". وليس كتاب فتح القدير بدعا في كتب الفقه الحنفي بل هو مسبوق بكتب أخرى، ولكن للكتاب من الأهمية ما يشير إليه احتواؤه على مادة علمية غزيرة مستفادة من المصادر الأصلية في شتى العلوم، إضافة إلى جمعه بين اتجاه الفقهاء والمتكلمين في تخريج الفروع على الأصول. وقد كان المصنف يهدف إلى أن يكون كتابه مميزا عن غيره فجعله وافيا من خلال ذكره للمسائل التي لم يذكرها صاحب الهداية مع ما له من الاختيارات الفقهية والأصولية إضافة إلى عدم اقتصاره على بيان مذهب الحنفية وحدهم، بل كان يعرض آراء المذاهب الأخرى مع إيراد أدلتهم ومناقشتها. ومن ثم جمع ابن الهمام في منهجه بين المنهج المقارن والمنهج الوصفي إذ حوى كتابه على مادة علمية غزيرة مستفادة من مصادرها الأصلية. ولابن الهمام مسلك في أسلوبه فهو يبدأ عادة بشرح العنوان الذي يضعه صاحب الهداية لكل باب مبينا وجه اتصاله بما سبقه، كما يُخرِّج أحاديث الهداية، ويورد أقوال الفقهاء من مصنفاتهم ويعقب عليها مع اهتمامه بالدليل إذ لا يقبل حكما من الأحكام إلا بعد تقرير الأدلة المرجحة له. وقد جاءت أجزاء الكتاب العشرة على ذات ترتيب الأصل من حيث المحتوى، فاشتمل على الكتب التالية: الطهارات، الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج، النكاح، الرضاع، الطلاق، العتاق، الأيمان، الحدود، السرقة، السير، الشركة، الوقف، البيوع، الصرف، الكفالة، الحوالة، أدب القاضي، الشهادات، الرجوع عن الشهادة، الوكالة، العارية، الهبة، الإجارات، المكاتب، الولاء، الإكراه، الحجر، المأذون، الغصب، الشفعة، القسمة، المزارعة، المساقاة، الذبائح، الأضحية، الكراهية، احياء الموات، الأشربة، الصيد، الرهن، الجنايات، الديات، المعاقل، الوصايا، الخنثى. ويتميز الكتاب على كبر حجمه بالسهولة ووضوح العرض وحسن الترتيب والتناسب وعرض موضوعاته عرضا دقيقا متقنا.