اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم
ابن تيمية
اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم
نبذة عن الكتاب

يعد كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" من كبار كتب العقيدة وأعمدتها؛ لكونه دراسة تفصيلية فريدة لموضوع النهي عن التشبه بالكفار. وتأتي قيمة الكتاب من معالجته لعقيدة الولاء والبراء التي هي من أعظم مقاصد هذا الدين وأصوله. فقد استقصى ابن تيمية رحمه الله هذا الموضوع المهم والخطير في حياة المسلمين من أصوله وفروعه، وأدلته العقلية والنقلية، وما ورد فيه من آثار ومواقف عن سلف الأمة؛ فأوضح الأمر بمجانبة هدي المشركين على العموم، وأعيادهم على الخصوص، وبيان حكمة ذلك، وما جاءت به الشريعة من مخالفة أهل الكتاب والأعاجم ونحوهم. وذلك بأسلوب علمي رصين من خلال استعراض الأدلة من القرآن الكريم، ثم من السنة المطهرة، الواردة في النهي عن تشبه المسلمين بالكفار، وإجماع المسلمين في العصور الفاضلة على ذلك. مما يشبع القارئ ويجعله يشعر أنه أمام قضية واضحة المعالم. فالواجب على المسلمين اليومأن يكونوا حذرين من كل ما يصدر عن الكفار، من اعتقادات، وأفكار، وثقافات، وعادات، وأزياء، وغيرها. أما الإفادة مما عند الكفار اليوم، من صناعات، وعلوم تطبيقية ونحوها، فهذا أمر آخر، لا علاقة له بموضوع التشبه؛ لأن هذه العلوم والصناعات ليست من خصوصيات الكفار- وإن احتكروها- لأنها إمكانات بشرية لا بد أن تتوفر عند من يحرص عليها وينميها ويجد في تحصيلها، سواء كان مسلما أو كافرا. وقد دفع المؤلف للتصنيف في هذا الموضوع أنه رغم كون هذه القاعدة من المقررات الظاهرة عند السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، إلا أنه كاد هذا الأصل العظيم أن يمَّحي من أذهان أكثر المسلمين، بعد القرون الفاضلة، فوقعوا في المحذور، وأخذوا بسنن الأمم حذو القذة بالقذة. فمما وقعوا فيه- على سبيل المثال- البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها، وهذه مسألة واضحة في السنة، فقد حذر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمته من الوقوع فيها أشد التحذير، ومع ذلك وقعت فيه طوائف من الأمة. فجاء المؤلف رحمه الله فجلَّى هذا الأمر وبيَّنه، وأعلنه على الملأ بلسانه وقلمه، فكتب وناظر وأمر ونهى، وأثمرت دعوته بحمد الله. وكتابه هذا جزء مما قام به في بيان الحق في ذلك. وتظهر أهمية هذا الموضوع من الأصلين اللذين نبه عليهما المؤلف رحمه الله وهما: الأصل الأول: إخبار الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم القاطع الأكيد، بأن أمته ستتبع سنن الأمم التي سبقتها من اليهود والنصارى، وفارس والروم، ونحوهم، شبرا بشبر وذراعا بذراع، وهذا يعني أن طوائف من هذه الأمة سوف تتشبه بالكفار قطعا. الأصل الثاني: إخباره صلى الله عليه وعلى آله وسلم القاطع والأكيد أيضا، بأن الله تعالى تكفل بحفظ الدين، وأنه لا تزال طائفة من المسلمين على الحق ظاهرين حتى تقوم الساعة، وأن الأمة لا تجتمع على ضلالة. وقد تناول الكاتب عدة محاور في موضوع كتابه؛ وهي: بيان بعض أنواع البدع، وقواعد أساسية في التشبه مع بيان أثره على الأمة، والنهي عن كل سمات الكفار، ومتى يباح التشبه بغير المسلمين، والكلام عن الأعياد وبدع القبور والمزارات والمشاهد والآثار. وقد وصل المؤلف إلى النتائج التالية: أن جنس المخالفة للكافرين والأعاجم ونحوهم، أمر مقصود للشارع، وأن التشبه بهم منهي عنه في الجملة، في عامة أمورهم الدينية والدنيوية. وأن هناك أمورا خصت بالنهي، ووردت بها السنة بعينها، كالبناء على القبور، واتخاذها مساجد، وحلق اللحى وإعفاء الشوارب، والأكل والشرب بالشمال، ونحو ذلك. و أن مخالفتهم في عامة أمورهم أصلح لنا- نحن المسلمين- في دنيانا وآخرتنا.