أصل هذا الكتاب ثلاثة بحوث نشرها المصنف في أعداد من مجلة البحوث الفقهية المعاصرة. يتناول كل من هذه البحوث مرحلة من مراحل المذهب المالكي، وهي مرحلة النشوء ومرحلة التطور ومرحلة الاستقرار. وتتبين أهمية هذا الموضوع من كونه إحياء لعلم الخلاف في عصر تجديد الفقه الإسلامي، وعودة إلى ازدهار الفقه المقارن واعتماده، ليكون المسلك الأساس للدراسات الفقهية، فيتم ترجيح قول مذهب من المذاهب أو عالم من العلماء. ومن ثم كان الهدف من التصنيف في هذا الموضوع الوقوف على القول الراجح المعتمد مذهبا في المدارس الفقهية المختلفة؛ حيث كان الوصول إلى معرفة الكتب المتضمنة للآراء المعتمَدة مشكلة يواجهها الكثير من الباحثين في مقارنة المذاهب. صنف الكاتب في الفقه المذهبي كتابين آخرين هما "المذهب عند الشافعية" و"المذهب عند الحنفية"، وقد دفعه إلى تصنيف هذه الكتب الرغبة في أن يستفيد الباحثون والدارسون في مقارنة المذاهب، فيتعرفوا على الكتب المتضمنة للآراء الفقهية المعتمدة مذهبا في ثلاثة من المذاهب السنية، معتمدا في ذلك على آراء العلماء المشهورين، وتقويمهم للكتب المذهبية، ومدى اعتماد ما تضمنته من آراء وترجيحات. وقد اعتمد المصنف في أساس بحثه على المنهج التاريخي حيث قسمه إلى ثلاثة أدوار هي: دور النشوء، ثم دور التطور، ثم دور الاستقرار. ثم إنه أفاد من المنهج الاستقرائي في جمعه لمصنفات كل مرحلة ووصفها إجمالا. والمطالع لموضوعات الكتاب فإنه يلمس هذا البناء التاريخي المحكم بمراحله الثلاثة، فقد قسم الكاتب كتابه إلى ثلاثة عناوين أساسية هي الأدوار المختلفة للمذهب المالكي. ثم إن القارئ يجد الثراء في وصف كتب كل مرحلة حيث جمع الكاتب في المرحلة الأولى ثلاثين كتابا، وفي المرحلة الثانية سبعين كتابا، وفي المرحلة الثالثة مئة وتسعة كتابا. ولم يكتف المؤلف بوصف الكتب إجمالا بل إنه وضع عنوانا في نهاية كل من المراحل الثلاثة هو "تقويم كتب هذه المرحلة" حيث قام بتقويم أهم هذه الكتب. ويتصف أسلوب الكاتب بالتوثيق الدقيق فيكاد القارئ لا يرى للكاتب كلاما من كثرة النقول التي يستشهد بها في وصف الكتب وتقييمها. ولعل مما يميز الكتاب هذا الجمع الواسع لكتب المالكية عبر العصور المختلفة، فيكون الكاتب قد وقف على ثغر الجمع، ولكن مما يعيبه أن هذا الجمع وحده لا يكفي لاستخراج الرأي الراجح ولا يؤدي إلى إثراء المقارنة الفقهية التي ذكرها المصنف في صدر كتابه. فعل لاستكمال هذا الأمر مصنفات أخرى.