مفاتيح الغيب
الرازي
مفاتيح الغيب
نبذة عن الكتاب

يعتبر هذا الكتاب من أكبر كتب التفسير وأغزرها مادة، وهو من أشهر كتب التفسير بالرأي، مع أخذه بنزعة علمية جدلية. وقد أطلق الرازي على كتابه اسم "التفسير الكبير". أما عن تسمية "مفاتيح الغيب" فالظاهر أنها تسمية غير مستساغة إذ يقول السكوني: "يوهم تسمية كتابه مفاتيح الغيب المشاركة فيما عند الله تعالى لقوله تعالى: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو}". لكن الرازي لم يكمل تفسيره على الراجح إذ جاء هذا التفسير في خاتمة مصنفاته بعد حياة حافلة في ميادين العلوم والمعارف، فجاء شهاب الدين الخوبي الدمشقي ( 639هـ ) وأكمل قسما منه، ثم جاء بعده نجم الدين القمولي ( 727هـ ) فأتمه إلى الأخير، دون أن يتميز الأصل من التكملة. ويذكر الرازي سبب تأليفه لتفسيره في صدر كلامه عن الفاتحة إذ يقول: "أعلم أنه مر على لساني في بعض الأوقات أن هذه السورة الكريمة يمكن أن يستنبط من فوائدها ونفائسها عشرة آلاف مسألة، فاستبعد هذا بعض الحساد، وقوم من أهل الجهل والغي والعناد، وحملوا ذلك على ما ألفوه من أنفسهم من التعلقات الفارغة عن المعاني، والكلمات الخالية عن تحقيق المعاقد والمباني، فلما شرعت في تصنيف هذا الكتاب قدمت هذه المقدمة لتصير كالتنبيه على أن ما ذكرناه أمر ممكن الحصول، قريب الوصول". وهو أكبر تفسير بالرأي والمعقول، يقول عنه عبد العزيز المجذوب: "فهو كتاب فقه على اختلاف مذاهبه ومسائله، وهو كتاب كلام وفلسفة، حوى كل مذهب ونحلة، وهو كتاب علم كوني، به تصوير الأفلاك وتشخيص الأجسام ودرس الحيوانات... وما عدا ذلك من كل ما وصل إليه العلم، وهو كتاب أخبار وأدب وتصوف". ويهدف الرازي من تفسيره أن يضع القرآن موضع الدراسة والبحث والتحليل على منهج يرى تفوق الحكمة القرآنية على سائر الطرق الفلسفية وانفرادها بهداية العقول البشرية إلى غاية الحكمة. ويذكر المؤلف في تفسيره مناسبة السورة مع غيرها، ويذكر المناسبات بين الآيات، ويستطرد في العلوم الكونية ويتوسع بها، كما يذكر المسائل الأصولية والنحوية والبلاغية، والاستنباطات العقلية، مع أبحاث مطولة في شتى العلوم الإسلامية؛ كعلم الكلام، وأقوال الفلاسفة والحكماء، ويذكر فيه مذاهب الفقهاء وأدلتهم في آيات الأحكام، وينتصر لمذهب أهل السنة في العقيدة، ويرد على المعتزلة وأقوال الفرق الضالة، ويفند مذاهبهم، كما يرد على الفلاسفة .ومن ثم اختلف التفسير الكبير عن بقية التفاسير بأنه مليء بكل أنواع العلوم؛ فقد ضمنه الرازي حصيلة ما توصل إليه في كتبه التي ألفها من قبل التفسير. وقد اتبع الرازي المنهج التحليلي في تفسيره؛ فهو يقسم الآية إلى كلمات مفردة، ويقسمها في شكل أبحاث مستقلة يحتوي كل منها على مسألة أو مجموعة مسائل. كما عني في تفسيره بذكر مناسبة السور بعضها لبعض، ومناسبة الآيات بعضها لبعض، فيذكر أكثر من مناسبة وسبب لنزول السورة. ولكنه يميل إلى التفسير العقلي للآيات؛ كتفسيره لميلاد عيسى عليه السلام من غير أب أنه جائز على مذهب الفلاسفة. وقد طغت آراء الفلاسفة ونظرياتهم في الكون على تفسيره، حتى وإن قام بتفنيدها آخر الأمر. ومن ثم فقد اختار الطريقة الكلامية المتبعة لمنهج الغزالي وإمام الحرم وأبي إسحق الإسفرايني والإمام أبي الحسن الأشعري.