هذا الكتاب مختصر في الفقه اقتصر على أهم المسائل والأحكام مما هو مجال العمل في العبادة والعادة، فاقتصر على المسائل التي يكثر وقوعها ويحتاج الناس إليها، مع الاعتناء بالدليل دون تطويل. يقول الشيخ رحمه الله في مقدمة كتابه: "فهذا كتاب مختصر في الفقه، جمعتُ فيه بين المسائل والدلائل، واقتصرتُ فيه على أهم الأمور وأعظمها نفعا؛ لشدة الحاجة إلى هذا الموضوع". لذلك اهتم به الشيخ رحمه الله قبل تصنيفه، واعتنى به حال تصنيفه، وأُعجب به بعد تصنيفه، فصار يُرَغِّب تلامذته للإقبال عليه حفظا ودرسا وتعلما وتعليما. وقد استهدف مؤلفه طلاب العلم المبتدئين، وجعل الكتاب بيد تلميذه الكبير محمد بن عبد العزيز المطوع ليكرر تدريسه وقراءته على أولئك الطلاب، ويراجع مؤلَّفه في كل ما يرى أن الحاجة داعية إلى إبدال لفظة بلفظة أو تغيير معنى بآخر، حتى جاء الكتاب منقحا محررا سليم اللفظ والمعنى. ولتأليف الكتاب قصة تبين السبب من وراء تأليفه؛ فقد كانت مختصرات المذهب الحنبلي لا تتجاوز القول المشهور في مذهب الإمام أحمد، وبعض مسائل المشهور من المذهب مرجوحة، وفي روايات المذاهب الأخرى ما هو أقوى منها، ثم إن في تلك المختصرات من تعقيد العبارة وصعوبة الوصول إلى المعنى ما يمنع الطالب المبتدئ من فهمها؛ لذا صنف الشيخ هذا المختصر المفيد على قول واحد في المذهب سواء وافق المشهور أم لا. ولعل هذا ما يبين أيضا أهمية الكتاب. أما عن أسلوب المؤلف في كتابه فإنه لم يتقيد بالمشهور من المذهب الحنبلي وإنما اختار منه أصح الأقوال دليلا، مما يمتاز عن غيره من الأقوال بصحة الدليل وجودة التعليل، وهو لا يخرج عن قول أحد مذاهب الأئمة الثلاثة. يقول الشيخ عن أسلوب تصنيفه للكتاب: "وكثيرا ما أقتصر على النص إذا كان الحكم فيه واضحا؛ لسهولة حفظه وفهمه على المبتدئين؛ لأن العلم معرفة الحق بدليله". وهو بالفعل ربما جعل المسألة هي نص الحديث الوارد فيها، فهي المستدَل له والمستدَل به. ثم هو يقول عن اختصاره: "اختصرناه فصار أقل من جميع المختصرات التي تعرفونها، من مختصر المقنع ومن العمدة وأخصر المختصرات، أصغر منها كلها، اقتصارا على ما يحتاج إليه في كل باب، ومع هذا فهو واضح ومشتمل على الدليل". ويمتاز الكتاب بسهولة العبارة ووضوحها، مما قرب معها فهم المعني وبسط صورته للقارئ. ثم إن كثيرا من جمله وعباراته مدرجة ومضمنة من القرآن الكريم ومن صحيح السنة المطهرة، وبهذا جمعت تلك الجمل الحكم والدليل، كما ضمنت العصمة من خطأ اللفظ والمعني.