الكتاب يضيف لمكتبة التاريخ الإسلامي لبنة جديدة مختصرة تستند إلى الكتابات الأصيلة في ميدان "إعادة كتابة التاريخ الإسلامي"، حيث يبين كاتبنا - وهو الأستاذ في التاريخ الإسلامي ذو المنهج السني الواضح – في التمهيد ضرورة إعادة النظر في دراسة التاريخ الإسلامي وحاجته المسيسة إلى التثبت من الأخبار وتوثيق النصوص، ذلك أن معظم البدع التي لا زالت حية في الأمة إنما ترتكز على تزوير تاريخي وتدليس في رواية أحداث صدر الإسلام خاصة. ويبين المؤلف – كما نص على ذلك في أطروحته للدكتوراه - المقصود بإعادة كتابة التاريخ الإسلامي، وهو إعادة صياغة لحلقة من حلقات التاريخ الإسلامي وتصحيحها وفق المنظور الإسلامي، بعد تنقية المرويات التاريخية من الشوائب والأخطاء والروايات المكذوبة، بهدف الكشف عن الحقائق التاريخية من جهة، والاستفادة من دراسة التاريخ في مجال التربية والقدوة الحسنة من جهة أخرى. لذا فقد اعتمد المؤلف على أمرين: أولهما تحقيق الروايات التاريخية وفق الموازين النقدية التي اتبعها علماء الحديث النبوي، وذلك بربط دراسة التاريخ الإسلامي إلى حد ما بعلم الجرح والتعديل، مع اعتبار نسبية تطبيق قواعد المحدثين على المرويات التاريخية. والثاني صياغة التاريخ الإسلامي وفق التصور الصحيح والموازين الشرعية، لأن التاريخ الإسلامي هو تاريخ دين وعقيدة قبل أن يكون تاريخ دول ومعارك ونظم سياسية. والمؤلف يسترشد كثيرا بكتابات الدكتور أكرم العمري في هذا المجال. وبعد التمهيد يضع كاتبنا توطئة حدد فيها مدلول مصطلحي التاريخ، والمنهج. ثم رتب الكتاب على ثلاثة فصول: أولها منهج توثيق الأخبار؛ وثانيها منهج تفسير الحوادث والحكم عليها، حيث وضع خمس عشرة قاعدة في هذا الشأن؛ والفصل الثالث حول فهم التاريخ من خلال السنن. والمؤلف كما هو معروف يسلك المنهج العلمي المحقق في بحثه، في أسلوب فصيح سهل العبارة، مدعما قواعده بالأدلة والنقول من خلال العزو إلى جمع كبير من المصادر والمراجع. وهو يتميز بالروح الإسلامية الصافية، حيث يعد بحق كما رغب في كتابه ممن أسهموا في إعادة صياغة التاريخ الإسلامي بأقلام إسلامية تؤمن بالله وتحس بدور الإسلام في الحياة ودور القدوة الصالحة في تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا؛ خاصة و أن معظم الذين احترفوا الكتابة التاريخية نقلوا كثيرًا من آراء المستشرقين الذين وجدوا في كتبهم مادةً للتدريس والكتابة، غير مبالين بتلك السموم التي ينفثونها في المجتمع المسلم.