محاضرات في النصرانية
محمد أحمد مصطفى أحمد
محاضرات في النصرانية
نبذة عن الكتاب

هذا الكتاب من تأليف الشيخ محمد أبو زهرة، رئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق المصرية، وأحد أبرز علماء مصر والذين لهم إسهامات علمية قيمة ومواقف ربانية مشرقة. والكتاب عبارة عن خلاصة محاضرات ألقاها الشيخ على طلبة كلية أصول الدين، بعد أن عُهِد إليه بتدريس مادة تاريخ الديانات. وقد جاء الكتاب بمثابة سرد تاريخي للمسيحية بمصادر مسيحية خالصة، منذ بعثة المسيح عليه السلام وحتى عصرنا الحاضر، مرورا بالتحريفات التي أصابت الديانة المسيحية وتدوينها، وكذا التعذيب الذي تعرضوا له، وأهم المجامع الكنسية وأثر السلطة الحاكمة عليها، ثم الانشقاقات داخل الكنيسة، وختاما الحركات الإصلاحية وأثرها فيما آلت إليه الديانة المسيحية في عصرنا الحاضر. وقد ذكر المؤلف أنه يرجو أن يكون هذا الكتاب بمثابة دعوة للعقلاء من النصارى أن يدرسوا تاريخهم بعيدا عن ضغوطات العوائد والإرهاب الكنسي، حتى يستبين لهم الحق في أمر دينهم، هذا من جهة. ومن جهة أخرى ليكون عونا للمنشغلين بدعوة النصارى إلى الإسلام، فإنهم إن أوقفوهم على تاريخ ديانتهم؛ فإن ذلك كفيل بإذن الله أن يثوبوا إلى الإسلام.ولقد قسم المؤلف الكتاب إلى تمهيد واثنا عشر بابا وخاتمة، وهو وإن كان لم يعدد الأبواب إلا إنه يظهر بجلاء أن كل عنوان رئيس (باب) عبارة عن موضوع محاضرة من المحاضرات التي ألقاها.أما التمهيد، فذكر فيه منهجه في التأليف، والتزامه الحيادية ما استطاع والنقل التاريخي المجرد، وصعوبة هذا الأمر، لا سيما مع اختلاف العقيدة.وفي الباب الأول "المسيحية كما جاء بها المسيح" ذكر فيها حقيقة المسيحية كما ذكرها الله في القرآن، منذ ولادة المسيح عليه السلام إلى أن رفعه الله إليه؛ ولعل هذه المحاضرة هي الوحيدة التي استند فيها إلى الكتاب والسنة، نظرا لعدم وجود مصدر تاريخي معتبر يمكن الاعتماد عليه في توضيح حقيقة دعوة المسيح؛ إما لاضطراب المصادر واختلافها أو لتحريفها وانقطاع سندها، وذكر أن هذا الباب وهذه المحاضرة إنما هي ليتسق البحث وتتم السلسلة. وقد أوجز في ختام هذا الفصل - على سبيل المقارنة مع ما أورده في هذا الباب - حقيقة المسيح في الديانة المسيحية.وفي الباب الثاني "المسيحية بعد المسيح"، ذكر الظروف والملابسات التي قارنت تدوين المسيحية على يد أتباعها، وما كان من تعذيب وقتل على يد القياصرة واليهود؛ الأمر الذي تسبب في انقطاع السند بين الإنجيل والمسيح عليه السلام، إضافة إلى ما مازج ذلك من وثنية ثم فلسفة تأثر بها الكثير من أتباعها.وفي الباب الثالث "مصادر المسيحية بعد عيسى"، تناول بالتفصيل الأناجيل الأربعة المعتمدة لدى النصارى؛ اللغة التي كتب بها وتاريخ تدوينها والاختلاف فيها، ثم تناول بعض الأناجيل الأخرى والتي يظهر بجلاء أنها أقرب إلى العقيدة المسيحية مثل إنجيل برنابا، ولماذا لم يعترف به النصارى.وفي الباب الرابع "رسائل رسلهم" تناول رسائل رسلهم الاثنتا وعشرين، وبين موضوعها ومدونها والفرق بينها وبين الإنجيل.وأما الباب الخامس "نظرة فاحصة"، فقد جعله كالمعيار لما ذكره من مصادر المسيحية بأن ذكر أهم ما ينبغي أن يتوفر في الكتب الدينية لتكون حجة على الناس، وتعرض لكثير من الشبهات عندهم، وحرر بعض المصطلحات كالإلهام والوحي ورواية الأحاديث.وفي الباب السادس "النصرانية كما هي عند النصارى وفي كتبهم"، تناول أهم المرتكزات التي تقوم عليها المسيحية: عقيدة كالتثليت والصلب والفداء، وعبادة كالصلاة والصوم، وشعائر كالتعميد، وشرائع من حلال وحرام. وفي الباب السابع والثامن، تناول المجامع المسيحية تاريخها وأسبابها وأهم قرارتها وآثارها، وكيف أن الكثرة الغالبة في المجامع الأولى كانت للموحدين إلا إن قوة السلطان فرضت القول بتأليه المسيح وحاربت من قال بغير ذلك. أما الأبواب اللاحقة كلها، فأفردها للفرق المسيحية مميزا بين الفرق القديمة التي كانت قبل عصر النهضة والتي كان جلها على التوحيد، والفرق الحديثة والتي نشأت بعد اعتماد القول بتأليه المسيح والتثليث. وذكر أسباب الافتراق وأن منها ما يتعلق بالاعتقاد ومنها ما يتعلق بالرياسة الكنسية. وكيف قويت شوكة الكنيسة الغربية وكيف عاشت الكنيسة الشرقية بحرية وأمان في ظل الإسلام. وفي الختام تناول الفرق الإصلاحية في العصر الحديث "البروتستانت" وحركات الإصلاح الديني من أمثال مارتن لوثر وزونجلي وكلفن وغيرهم، والتي سعت للخروج من سلطان الكنيسة الطاغي والمتسلط على الناس بشكل عام وعلى العلماء بشكل خاص.وفي الخاتمة يذكر خلاصة البحث ويتوجه للمثقفين من النصارى أن يتدبروا في أمر تاريخهم علهم يهتدون إلى الصواب في أمر دينهم، والذي حتما سيقودهم للإسلام.ويمتاز الكتاب بسهولة العبارة وتسلسل الأفكار، مع حسن التقسيم والعرض، حيث يضع تعدادا رقميا متسلسلا لكل موضوع فرعي يتناوله داخل الباب، ويستمر التسلسل إلى آخر الكتاب. ويعد الكتاب من الكتب المتميزة في هذا الموضوع ولقد أعيد نشره مرات عديدة وترجم إلى العديد من اللغات الأجنبية، نظرا لوضوحه وجلائه إضافة إلى حياديته في العرض وخطابه الهاديء المنطقي وتعقيباته الهادفة.وقد يؤخذ على الكاتب مخطابته للنصارى على أنهم إخوة لنا نحن المسلمين، رغم كون هذا من المخالفات العقدية، حتى ولو كان بغرض تأليف قلوبهم ومحاولة هدايتهم السبيل القويم؛ فما نطق به القرآن هو الأولى والأحرى.