عمدة الفقه
ابن قدامة
عمدة الفقه
نبذة عن الكتاب

يمثل كتاب "عمدة الفقه" الحلقة الأولى أو المستوى الأول من سلسلة كتب ألفها الإمام الموفق ابن قدامة المقدسي يهدف منها إلى الأخذ بيد طالب الفقه من مستوى المبتدئين إلى مسالك المجتهدين؛ حيث وضع أربعة مؤلفات يلبي كل واحد منها حاجة مستوى معين من الطلاب والمتفقهين، وهي على الترتيب المنهجي: العمدة، المقنع، الكافي، المغني. والإمام الموفق ابن قدامة يعد أحد أبرز محققي المذهب وأكثر من خدم مذهب الإمام أحمد - في طبقته - تصنيفاً وتحقيقاً، حتى عدَّه البعض "ابن حنبل الثاني"، ويقول فيه ابن تيمية: (ما دخل الشام بعد الأوزاعي أفقه من الشيخ الموفق). ويُعد كتاب العمدة، من أهم المتون في الفقه الحنبلي، اقتصر فيه مؤلفه على القول المعتمد في المذهب، وصاغه بأسلوب سهل وعبارة سلسة تعين الطالب على دراسته وحفظه، وقد تناوله العلماء قديما وحديثا بالشرح والتدريس، واعتمدته كثير من المدارس والمعاهد في مقرراتها. وقد أفصح الموفق ابن قدامة عن غايته ومنهجه وسبب تأليفه بقوله (فهذا كتاب في الفقه اختصرته حسب الإمكان، واقتصرت فيه على قول واحد ليكون عمدة لقارئه، فلا يلتبس الصواب عليه باختلاف الوجوه والروايات. سألني بعض إخواني تلخيصه ليقرب على المتعلمين، ويسهل حفظه على الطالبين، فأجبته إلى ذلك، معتمدا على الله سبحانه في إخلاص القصد لوجهه الكريم، والمعونة على الوصول إلى رضوانه العظيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وأودعته أحاديث صحيحة تبركا بها، واعتمادا عليها، وجعلتها من الصحاح لأستغني عن نسبتها إليها)، ويقول ابن بدران: (وطريقته فيه أنه يصدر الباب بحديث من الصحاح ثم يذكر من الفروع ما إذا أدققت النظر وجدتها مستنبطة من ذلك الحديث فترتقي همة مطالعه إلى طلب الحديث ثم يرتقي إلى مرتبة الاستنباط والاجتهاد في الأحكام)، وقد جاء الكتاب مشتملا على الفروع الفقهية مقسمة إلى كتب وأبواب وفصول، مبتدئا بأبواب العبادات المشتملة على أركان الإسلام من الصلاة والزكاة والصوم والحج، ثم المعاملات المفتتحة بالبيوع ويليها أبواب المعاملات المختلفة كالإجارة والوقف، ثم تناول أحكام الوصايا والفرائض، ثم تناول أحكام الأسرة مبتدئا بالنكاح ثم بصور الفراق المختلفة، ثم تناول أحكام الأطعمة والصيد والأيمان والجنايات والديات والحدود والجهاد والقضاء، ومختتما بالشهادات، ولترتيب ابن قدامة للأبواب الفقهية أهمية خاصة، وهو ما يوضحه بكر أبو زيد بقوله: (ولما جاء "ابن حنبل الثاني" الموفق ابن قدامة "ت. 620 هـ"، وألف المتون الثلاثة: "العمدة" و"المقنع"، و"الكافي" صار الماتنون تبعا له في الترتيب من طبقته المتوسطين، ثم طبقة المتأخرين إلى الآخر واستقر أمر الناس على ذلك). وقد جاءت عبارة الموفق سهلة جزلة، واقتصر فيه على أحاديث الكتب الستة: الصحيحين والسنن الأربعة، هذا في الأحاديث التي عزاها للنبي r وإلا فله عبارات كثيرة من متون الأحاديث، وقد أحصى بعض محققي الكتاب الأحاديث التي جاءت في العمدة معزوة للنبي r فبلغت 150 حديثا تقريبا، المتفق عليه منها أكثر من ستين حديثا، وخمسون حديثا في أحد الصحيحين، والباقي رواه أهل السنن أو بعض منهم، ولم يعز ابن قدامة الأحاديث إلى مصادرها لأنه أشار في المقدمة إلى أنه أخذها من الصحيحين والسنن الأربعة ليستغني عن نسبتها إليها، أما الأحاديث الضعيفة في العمدة فقليلة ونادرة لا تزيد عن ثلاثة أو أربعة أحاديث.