هذا الكتاب القيم من تأليف فضيلة الشيخ خالد عبد الرحمن العك، وهو مدرس في إدارة الافتاء العام بدمشق، وأشرف على تأليفه ومراجعته الشيخ محمد أبي اليسر عابدين مفتي سوريا حينئذ، مما رفع من قدر الكتاب وشأنه. ويحتوي الكتاب بعد تقديم فضيلة مفتي الجمهورية السورية ومقدمة المؤلف على ستة أقسام، وأول أقسام الكتاب هو مدخل لدراسة أصول التفسير وقواعده، يتناول هذا القسم مكانة التفسير ونشأته وأنواعه وأقسامه ومعنى التأويل ونشأته وتطوره وشروطه وغير ذلك على ستة عشر مبحثا؛ ثم يأتي القسم الثاني ويتكون من فصلين بعد التمهيد، الفصل الأول يتحدث فيه المؤلف عن المنهج النقلي واللغوي في التفسير في عدة مباحث، ثم الفصل الثاني فيدور حول المنهج العقلي والاجتهادي في التفسير من أنواع وشروط وضوابط وفروع أخرى كالتفسير الإشاري وتفاصيله ومحاذير التفسير العقلي وغير ذلك؛ أما القسم الثالث فيتحدث عن قواعد التفسير في بيان دلالات النظم القرآني، وقسمه على ثلاثة فصول، الأول فيه مباحث عن الغريب والمعرب والمترادف، والوصل والفصل والتشبيه والاستعارة والحقيقة والمجاز والصريح والكناية وما إلى ذلك، ثم يأتي في الفصل الثاني على تفصيل المحكم والمتشابه من القرآن ثم الناسخ والمنسوخ، وفي الفصل الثالث يتحدث عن الإعجاز القرآني ووجوه المخاطبات في القرآن وأنواع السؤالات والجوابات في القرآن الكريم؛ أما القسم الرابع فعلى ثلاثة فصول، تحتوي على قواعد التفسير عند وضوح الألفاظ القرآنية، ويفرق فيه بين مبهم الدلالة وواضح الدلالة ودلالة الألفاظ على الأحكام؛ ثم القسم الخامس يتحدث عن قواعد التفسير في حالات شمول الألفاظ القرآنية، على ثلاثة فصول أيضا، درس فيها الحالات الثلاث، وهي العام والمشترك والخاص؛ ثم القسم السادس والأخير يتحدث فيه عن ضوابط الألفاظ القرآنية، من حيث اللهجات والقراءات في الفصل الأول، ثم الرسم العثماني للقرآن وتنقيطه في الفصل الثاني، وأخيرا النقل والترجمة لمعاني القرآن الكريم في الفصل الثالث. ثم يورد في آخر كتابه المراجع ويثبتها، وآثار المؤلفين. وطريقة الشيخ في العرض سلسة ويسيرة. كما حرص غالبا على ذكر المعاني اللغوية والاصطلاحية في مطلع كل موضوع ثم يشرع في بيان ما يتعلق بالموضوع، كما يضيف المؤلف العديد من الفوائد بين ثنايا الفصول. كما عنى في كتابه بعرض تفاسير الفرق وتنبيه القارئ عليها واهتم بردها بالنقل والعقل. أما من جانب التوثيق، فقد كان يوثق توثيقا علميا في هامش الصفحة أحيانا، كما يوثق مرات أخرى في متن الكتاب وأحيانا يترك التوثيق ويذكر المعلومة فقط. ولم يكن الشيخ ذا أسلوب بلاغي ولم يعن بإيراد الصور الفنية خلال مؤلفه وإنما كان حضوره الأكبر بالأسلوب الفقهي الأصولي، ودعم المؤلف بمادة علمية قوية مما يعكس مدى عنايته بانتقاء المصادر. كما جعل المؤلف لأصول التفسير ثلاثة محاور أساسية دار الحديث حولها في كتابه، وهي النقل واللغة والعقل. بينما يؤخذ على الكاتب الوقوع في التكرار في بعض المواطن، والخروج عن السياق واستطراد الحديث فيما يتعلق بالأصوليين والمتكلمين، والإطناب في مواضع والاختصار في مواضع أخرى قد لا تتناسب مع أهمية الموضوع وسياقه.