هذا التفسير وافق مضمونه اسمه، وهو من جمع حافظ متقدم ثقة عارف. ويعد علو إسناده هذا من مزايا تفسيره فالإمام ابن أبي حاتم (ت327هـ) قد أدرك الأسانيد العالية، فهو في مصافِّ «تفسير الطَّبري» (ت310هـ)، و«تفسير ابن المنذر» (ت318هـ) الذي فقد أكثره، وهو أعلى إسنادا بكثير من تفاسير: الثَّعْلبيِّ (ت427هـ)، والواحديِّ (ت468هـ)، والبغويِّ (ت516هـ). وقد أوضح في مقدمة تفسيره ما دفعه إلى تصنيفه فقال: "سألني جماعة من إخواني إخراج تفسير القرآن مختصرا بأصح الأسانيد، وحذف الطرق والشواهد والحروف والروايات وتنزيل السور، وأن نقصد لإخراج التفسير مجردا دون غيره، متَقَصِّين تفسير الآي حتى لا نترك حرفا من القرآن يوجد له تفسير إلا أخرج ذلك". وقد وفَّى بما اشترطه إلا أن الأصح الذي ذكره هو من جهته هو مع جواز أن يكون ضعيفا لا يصح بنفسه. ومع ذلك فهو يعد مِن أجمعِ كتبِ التفسير بالمأثور وأشملها، فهو يكاد يُفَسِّر القرآن كلمة كلمة، مع حسن العرض وجَوْدة التقسيم، فلم يكتف الإمام ابن أبي حاتم بجمع الروايات وحشدها، بل عرضها عرضا حسنا، فيذكر تفسير كل آية مرتبة منسقة على أوجه. مع الإشارة إلى اتفاق المفسرين أو اختلاف الرواة في متون الروايات. ولم يزل هذا التفسير مرجعا لأهل العلم يصدرون عنه ويعتمدون عليه، لكن لم يصلنا منه نسخة تامة؛ فقد فُقِدَ منه جزءٌ كبير، من أول تفسير الآية الثانية عشرة من سورة الرَّعد إلى آخر تفسير سورة الحج، ومن أول تفسير سورة الروم إلى آخر تفسير سورة الناس، إضافةً إلى تفسير أول (39) آية من سورة المائدة، وإن كان السيوطي قد ضمنه كتابه "الدر المنثور". وقد كان من منهج ابن أبي حاتم أنه أخرج التفسير المُسْنَد مجردا عن الحروف والروايات وتنزيل السور. وأنه تقصى في تفسير آي القرآن حتى لم يترك حرفا من القرآن وجد له تفسيرا إلا أخرج ذلك مع الاختصار وحذف الطرق والشواهد. ثم إنه إذا وجد التفسير عن رسول الله لم يذكر معه أحدا من الصحابة ممن أتى بمثل ذلك. ثم إنه إذا لم يجد التفسير عن رسول الله ووجده عن الصحابة؛ فإن كانوا متَّفقِين ذَكَرَهُ عن أعلاهم درجةً بأصح الأسانيد، وسمَّى موافقيهم بحذف الإسناد، وإذا وجد الصحابة مختلفِين ذكر اختلافهم، وذكر لكل واحد منهم إسنادا، وسمَّى موافقيهم بحذف الإسناد. وأنه إن لم يجد التفسير عن الصحابة ووجده عن التابعين، عمل فيما وجد عنهم مثل ما عمل في تفسير الصحابة. وكذا فعل في تفسير أتباع التابعين وأتباعهم.