هذا الكتاب للمفكر الإسلامي والصحفي المعروف جلال كشك هو أول كتاب باللغة العربية يثبت بالتحليل وبالوثائق علاقة جمال عبد الناصر بالمخابرات الأمريكية، وكيف كان انقلاب يوليو 1952 جزءا من عملية وراثة الأمريكان للميراث الإنجليزي بالمنطقة بعد شيخوخة الإنجليز عقب الحرب العالمية الثانية. والكتاب يعد من أعمدة الكتب لفهم سياسة المنطقة العربية وتاريخها المعاصر. فمنذ سبعين سنة نفذت المخابرات البريطانية "الثورة العربية" ومنذ ست وثلاثين سنة نفذت المخابرات الأمريكية ثورة يوليو. الأولى أعطت فلسطين لليهود والثانية مكنت هيمنة اليهود على العالم العربي. وفي هذا الكتاب نرى محمد جلال كشك الكاتب المصري الذي مارس - وحده - حرية القول في القضايا لا يستثنى ولا يجامل ولا يخاف، بل يقدم بالأدلة والوثائق والتحليل دور المخابرات الأمريكية في تدبير وتنفيذ ثورة يوليو وتأثير ذلك على المواجهة المصرية - الإسرائيلية. وقد اختار المؤلف أن يأتي عرضه هذا من خلال مناقشة لكتاب"ملفات السويس" لمحمد حسنين هيكل كما كان كتابه السابق "كلمتي للمغفلين" مناقشة لكتاب "قصة السويس"، ولكنه تجاوز الكتابين ليكشف كثيرا مما كان خافيا.ولا يهدف كاتبنا هنا إلى نقد جمال عبدالناصر لشخصه؛ ولكنه يهدف لتبيان ما جره انقلاب 23 يوليو من مآس بحق المصريين والأمة العربية والإسلامية. ينطلق جلال كشك لتبيان هذا من خلال شرح وتوضيح علاقة جمال عبدالناصر بالمخابرات الأمريكية. هذه العلاقة التي بدأت قبل الثورة واستمرت لعام 1965 وكانت هي المحرك الرئيس للقيام بحركة تقضي على حالة التحرر الوطني التي عاشتها البلاد وتكفل انتقالا هادئا للسلطة من الاستعمار البريطاني إلى الاستعمار الأمريكي في إطار لعبة الأمم.ويبين الكاتب أن عبد الناصر لم يكن وطنيا مخلصا أخطأ طريقه إلى تحقيق طموحات شعبه، كما كان يظن وكما كتب في "كلمتي للمغفلين"، بل كان عميلا للمخابرات الأمريكية. ويبني على تلك العلاقة الكثير من المواقف السياسية في عهد عبدالناصر مثل: تجنبه العدو الرئيسي للأمة وهو إسرائيل في مقابل خوضه حروبا غير ذات قيمة مثل حرب اليمن، والتدخل الأمريكي-السوفييتي لوقف العدوان الثلاثي على مصر. ويُرجِع الاتصال الأمريكي بالضباط الأحرار إلى ثلاثة أهداف: منع قيام ثورة راديكالية في مصر تقضي على الاستعمارين البريطاني والأمريكي، حماية إسرائيل، تصفية الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية في العالم العربي، وإحلال النفوذ الأمريكي - وليس الروسي - محلهما. ويعتمد محمد جلال كشك في تحليله للتاريخ الناصري على "محمد حسنين هيكل" أبرز مؤرخي هذه الفترة، وأيضا على الكتاب الشهير "لعبةالأمم". فلم يكن هيكل مجرد صحفي موال للنظام سواء الملكي أو الناصري؛ بل لعب دورا مؤثرا في قرارات جمال عبدالناصر. وكان وفقا لبعض الوثائق علي علاقة بالمخابرات الأمريكية. ويبرز كاتبنا التزوير الكبير الذي قام به هيكل - في كتبايه عن السويس - في حق التاريخ المصري. وهو تزوير فج لا يمكن تبريره بخطأ المترجم أو النسيان، فقد صدر الكتابان في نفس الفترة تقريبا. وأما الترجمة فقد قام محمد حسنين هيكل بترجمة الكتاب بنفسه إلى النسخة الإنجليزية. ويهدف هذا التزوير إلى التعمية عن فضائح العهد الناصري والتمجيد في بعض ما قام به عبد الناصر باعتباره أعمالا ثورية غير مسبوقة مثل الإصلاح الزراعي وتأميم القنال وغيرها، ومن جهة أخرى إخفاء العلاقة المريبة بين عبدالناصر والمخابرات الأمريكية. ويعرض كاتبنا ذلك كله وحقائق كثيرة مفزعة في فصول عشرة: التاريخ البلاستيك وهيكل، ثورتنا التي أجهضت، في البدء جاء الأمريكان، حكاية أول زعيم، الدبة والزعيم ورسالة مصطفى أمين، كل القرارات لصالح إسرائيل، انتصارات عبد الناصر وخسائر الوطن، روسي وأمريكي ع الدفة!، هزيمة في المعارك ونصر في الإذاعات، عبد الناصر وإسرائيل.