أبو الحسن الأشعري

أبو الحسن

علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري

والملقب بـ

هو علي بن إسماعيل بن أبي بشر؛ واسمه: إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله وينتهي نسبه إلى الصحابي أبي موسى الأشعري. أحد أعلام أهل السنة والجماعة، وإليه ينسب المذهب الأشعري، وكنيته أبو الحسن ويلقب بناصر الدين. ولد بالبصرة في العراق سنة 260هـ على أرجح الروايتين، ودرس فيها، ثم تابع دراسته في بغداد. قال عنه ابن عساكر في كتابه "تبيين كذب المفتري": "وهو بصري، سكن بغداد إلى أن توفي بها سنة 342هـ على الأرجح وكان يجلس أيام الجمعات في حلقة أبي إسحاق المروزي الفقيه من جامع المنصور".كان الإمام الأشعري يعيش في كنف المعتزلة؛ فهو ربيب إمام من أكبر أئمتهم ألا وهو أبو علي الجبائي فهو زوج أمه، تتلمذ عليه منذ نعومة أظفاره، حيث لقنه أصول المعتزلة وطريقتهم قبل أن يشتد عوده، وظل يلازمه ويأخذ عنه لا يفارقه أربعين سنة، حتى وصل الأمر بالجبّائي أنه كان إذا عرض له عارض من مرض أو غيره يمنعه من الحضور في المجالس العلمية والمناظرات، يبعث الأشعري ويقول له: نب عني. فأبو الحسن تمرس في طريقة المعتزلة حتى تبحر في كلام الاعتزال وبلغ مكانة مرموقة لديهم، ولكنه كان ذا عقل منير وفطرة سليمة، كما كان باحثا عن الحقيقة دون تعصب، فقد كان يورد الأسئلة على أساتذته في الدرس، ولا يجد فيها جوابا شافيا؛ فتحير في ذلك أشد الحيرة، ولما جاوز حد الأربعين ازدادت الحيرة لديه بازدياد بحثه عن الحقيقة مع زيادة الالتجاء إلى الله، فغاب عن الناس في بيته خمسة عشر يوما متفكرا متأملا. ثم خرج إلى الجامع؛ فصعد المنبر يوم الجمعة، وقال: معاشر الناس؛ إني إنما تغيبت عنكم في هذه المدة لأني نظرت فتكافأت عندي الأدلة، ولم يترجح عندي حق على باطل، ولا باطل على حق؛ فاستهديت الله فهداني إلى اعتقاد ما أودعته في كتبي هذه، وانخلعت من جميع ما كنت أعتقده كما انخلعت من ثوبي هذا. وانخلع من ثوب كان عليه ورمى به، ودفع الكتب إلى الناس، فمنها كتاب: "اللمع" وكتاب أظهر فيه فساد رأي المعتزلة سماه كتاب: "كشف الأسرار وهتك الأستار" وغيرهما. وقد نبغ الأشعري في العلوم العقلية، واشتهر بقوة الجدال والمناظرة بجانب محافظته على النقل. وبجانب براعته في علم الكلام كان أيضا فقيها وعالما ومحدثا، يميل كثيرا إلى حياة الزهد والبساطة، وكان متصوفا في أغلب سلوكه. وإليه ينسب المذهب الأشعري الذي يباين مذهب المعتزلة لكنه أيضا يخالف مذهب أهل السنة والجماعة في بعض مسائل أصول الدين، ومن أشهرها تأويل الصفات، فأهل السنة يثبتون صفات الله تعالى كالوجه واليدين والاستواء ونحوها، والأشاعرة يؤلونها بالرحمة والقوة والاستيلاء ونحو ذلك. ويقال إنه رجع إلى مذهب السلف أصحاب الحديث في آخر أحواله.له كتب كثيرة جدا مختلفة الموضوعات، فقد زادت كتبه على مائتي كتاب، بين رسالة ومجلد ومرجع موسوعي من عدة مجلدات، من أشهرها: تفسير القرآن والرد على من خالف البيان من أهل الإفك والبهتان، الفصول في الرد على الملحدين والخارجين عن الملة، الموجز، خلق الأعمال، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، صفات الله عز وجل، جواز رؤية الله بالأبصار، الرد على المجسمة والحشوية، اختلاف الناس في الأسماء والأحكام والخاص والعام، إيضاح البرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان، "اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع"، وله كتابان آخران بعنوان اللمع: أحدهما "اللمع الكبير" جعله مدخلا إلى كتابه "إيضاح البرهان"، اللمع الصغير، جمل المقالات، الشرح والتفصيل في الرد على أهل الإفك والتضليل، الاجتهاد في الأحكام، كتاب الجوابات في الصفات عن مسائل أهل الزيغ والشبهات، الإبانة عن أصول الديانة، رسالة إلى أهل الثغر، رسالة استحسان الخوض في علم الكلام. وغيرها الكثير من الكتب. بعد عمر حافل بالعلم ونشره وتعليمه للناس رحل الإمام الأشعري، وتوفي في بغداد قبل أو بعد سنة 330 هـ، وكثير من المؤرخين رجحوا وفاته في سنة 324 هـ. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

كتب المصنف في الموقع