هوَ الإمام العلامة مُحمّد بن أبي بكر بن أيّوب بن سعد بن حريز الزرعي الدمشقيّ، والمُلقّب بشمس الدين وابن قيم الجوزيّة. ولِد ابن القيم في عام 691 هـ، ويُعرف ابن القيّم بغزارة علمه وسعة اطلاعه حيث برعَ رحمه الله تعالى في علوم عديدة من أبرزها علوم الحديث والفقه والتفسير والسيرة، كما أنه أجاد العربية وفنونها فكان هذا بابا لسعة فهمه لعلوم الشريعة من خلال فهم كلام الله تعالى وسنة رسوله. أخذ العديد من العلوم والفنون من كبار شيوخ زمانه، فأشهر شيوخه وأساتذته وأوثقهم وأقربهم به صلة كان شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث لازمه وأخذ منه العلم مشافهة حتى وفاته رحمة الله عليهما. كما أخذ العلم عن الشهاب النابلسي، وابن الشيرازي، وغيرهم. وسجن ابن القيم مع ابن تيمية في شهر شعبان سنة 726هـ، بسبب إنكاره لشدّ الرحال لزيارة القبور، وأُذي في ذلك كثيرا. كذلك حصلت له مشاكل مع القضاة بسبب فتواه بمسألة أن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة يقع طلقة واحدة.وكان منهجه في العقيدة هو نهج شيخ الإسلام ابن تيمية ذاته، وله آراء خاصة في الفقه وأصوله ومصطلح الحديث وغير ذلك من المسائل. واشتهر بمؤلفاته في العقيدة والفقه والتفسير والتزكية والنحو بالإضافة إلى القصائد الشعرية. وكما كان شيوخ ابن القيم من كبار علماء ذلك الزمن، فكذلك تلامذته، فمن أشهرهم، الحافظ ابن رجب الحنبلي الذي اشتهر بحفظه وروايته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضا من تلامذته، ابنه برهان الدين إبراهيم، وابنه شرف الدين وجمال الدين عبد الله، ويذكر المترجمون لابن القيم إمامته "بالمدرسة الجوزية"، فيقول ابن كثير عنه: (هو إمام الجوزية وابن قيمها). كما كان له تأثير كبير في عصره، ولا يزال أثره وفضله يغدق على طلاب العلم في كل مكان وزمان. وله الكثير من المصنفات منها؛ إعلام الموقعين، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، تحفة المودود بأحكام المولود، زاد المعاد، الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (الداء والدواء)، الروح، مدارج السالكين، القضاء والقدر، وغيرها الكثير. تتفق كتب التراجم أن ابن القيم توفي في ليلة الخميس 13 رجب سنة 751هـ في وقت أذان العشاء، وقد كان عمره عند وفاته ستون سنة. وقد ذكر ذلك من المترجمين ابن رجب، وابن كثير، وابن حجر العسقلاني.