يعني مدخل دراسة الدليل – مثل مدخل دراسة دليل القرآن أو مدخل دراسة دليل التاريخ والواقع – ببيان المقصد من هذا الدليل والتعريف بأهم سماته وملامحه.
يعد المدخل إذن – أخي القارئ/الدارس – بوابة دخولك للدليل، ففيه ذكر المعنى المراد من هذا العنوان، والغاية التي وضع هذا العلم من علوم الشريعة ومكملاتها لأجله، ومكانته بالنسبة إلى باقي الأدلة. ثم يردف المدخل ذلك ببيان سبب النشأة وكيفية التدوين، مع بيان الموضوعات والمحاور الرئيسة والفرعية لهذا الباب من أبواب العلم، وأهم المصادر والمراجع المعتمدة لفهم هذا المنحى ودراسته.
يذكر أيضا مدخل دراسة الدليل لوازم دراسته وأهم العلوم التي قد تؤثر في تمكنك – أخي الكريم – من التخصص في هذا العلم.
ولا يغفل مدخل الدراسة بيان النظريات والمعالجات المختلفة لهذاالمحور من العلوم، وأهم مواطن الخلل والنقد الواردة عليها، مع التأكيد على المنهجية الصحيحة في تناول هذا الدليل.
وأخيرا يجمل مدخل الدراسة محاور الدليل الرئيسة، وتصنيفاته الفرعية المختارة، لترسم لك أخي الكريم صورة واضحة عن أقسام هذا العلم والأبواب المنبثقة منه. ولا ريب أن التصنيف فن يسلك فيه المحققون مسالك شتى، فتتنوع التصنيفات والتقاسيم بتنوع رؤية كل خبير. وقد راعينا في التصنيف المختار إبراز المحاور الواضحة المتفق عليها، والإيجاز في تعداد المناحي الفرعية، والعناية باختيار الاسم في هذا أو ذاك ليكون دالا على محتوى الأبواب والمسائل التي تندرج تحته. كما تحرينا الجمع بين الأصالة والمعاصرة، باستقراء تراث علمائنا الزاخر – ماأمكن – وحسن اتباع تقاسيمهم من جهة، وبالحرص على الاستفادة من محتوى البرامج الدراسية في الجامعات الإسلامية المرموقة من جهة أخرى، ثم المزج بين ذينك وبين الرؤية المنهجية "للدليل" في نهاية الأمر، لرسم مسارات الأدلة على نحو متميز كتنوع رحيق الأزهار وجنائها من العسل وفي كل نفع وخير.
ولا يفوتنا أن نذكرك أخي القارئ/الدارس بأننا اخترنا – من بين مختلف أبواب العلوم الشرعية – أدلتنا الأربعة تغليبا للأولى والأهم وتجنبا للإكثار والتشتيت في مرحلة البدء والانطلاق، يعقبها بإذن الله تعالى إضافة مزيد من الأدلة في مرحلة التوسع في المدى القريب بإذن الله تعالى.
إن البرامج الدراسية كثيرة ومتنوعة وتختلف باختلاف الإطار المنهجي الذي تبنى عليه والأولويات التي يراها واضعوها. ومنهجنا الدراسي يُبين عن نفسه بادئ الأمر بمحاور العلوم المختارة وأقسامها التي أثبتناها. ففي حين تعنى بعض المناهج والبرامج بجانب من العلوم الشرعية كالحديث والفقه وهي من العلوم التي لايستغنى عنها بالطبع، يعنى "دليلنا" بمنهج متوازن يجمع بين العلم الشرعي والعلم بالواقع. وفي حين تغفل كثير من المناهج الشرعية دراسة التاريخ الإسلامي مثلا، يعد "دليل التاريخ والواقع" عمادا أساسا في الدليل بل ويحوي بين جنباته مناحي فرعية هامة من قبيل "الأقليات المسلمة" و"الحضارةالإسلامية".
يعد برنامج الدراسة لكل دليل هو واسطة العقد ومن أهم ما قد تنتفع به أخي القارئ/الدارس، إذ إنه برنامج دراسي مختار بعناية من قبل ثلة من العلماء والمتخصصين في كل منحى، يبدأ معه المسلم خطواته الأولى على درب التحصيل المنهجي بداية متدرجة متأنية.
إن أساس بناء المنهج الدراسي هو الأهداف الواضحة المحددة لوجهة الدراسة وأدواتها، لذا ستجد إن شاء الله أخي الكريم أهداف دراسة المستوى الدراسي في صدر كل مستوى، ترشدك إلى المراد من وضع هذا الكتاب أو تلك المادة في موضعه، والمراد من دراسته. وقد صيغت الأهداف اعتبارا بالوضع الأمثل للدراسة، وهو تناول المادة العلمية في حلقة درس على يد المعلم أو المربي في البلد الذي يقطنه الدارس. وفي هذا الوضع فإن المتعلم يكتسب من المعارف ومهارات الممارسة والاتجاهات والقيم ما يحقق له الشمول والتوازن بين العلم والعمل. على أنه ما لا يدرك كله لا يترك جله، فإذا ما قدر للمتعلم الدراسة الذاتية فهو إن شاء الله آخذ من هذه الأهداف بنصيب.
يكتسب الدارس في المستويين التأسيسيين المعارف والخبرات الأساس للعلم ويحقق – إن شاء الله – فرض العين الواجب على كل مسلم ولا يسع المرء جهله، مع المسائل المتعلقة والمتممة لهذا الحد من الطلب. ثم قد يكتفي القارئ أو الدارس غير المتخصص بهذا القدر، لا سيما إذا كان متخصصا في باب آخر، فالمتخصص في الفقه وأصوله مثلا لا بد له من التأسيس في القرآن والعقيدة، ولا بد له من إلمام بفقه الواقع المعاصر على نحو موجز غير مخل.
أما المتخصص فسيرتقي في المستويات الثلاثة التالية صعدا، حيث أثبتنا له مجموعة متنوعة من المواد المنهجية التي اختيرت بعناية بناء على الاستقراء الذي ذكرنا في حديثنا عن التصنيف وأقسام العلوم. وهو أمر اجتهادي ولا شك إذ لا يوجد سلم تعليمي أوحد يمثل الصواب المطلق، غير أن ديننا مبني على الاتباع وسبيله واضحة بينة، فلهذا اقتفينا آثار علمائنا وأتينا بالمعروف والمشهور المؤتلف، وجافينا الغريب والمختلف. هذا من حيث مستويات الدراسة.
أما من حيث مدة الدراسة وأمدها فقد تم وضع مدى تقريبي لكل مادة ولكل مستوى يتناسب مع حجم هذه المادة وكثافة الدراسة في هذا المستوى.
فإذا أتينا للتخير بين المواد الدراسية المنهجية فإنه قد يتنازع الخبير مصنفان كلاهما في الصدارة ويفي بالغرض، فتجدهما – أخي الكريم – قد أُثبتا كلاهما مع "أو" التخيير. وقد يقدم مصنف من المصنفات إضافات هامة على المادة المعتمدة فيتم الإشارة إلى ذلك في المنهج الدراسي للتوسع المندوب.
إن واضع أي منهج دراسي تزدحم لديه كثير من مصادر التعلم التي توفرت وانتشرت واستفاضت في عصرنا، فضلا عن وفرة مصادر تراثنا الزاخر ومصنفات علمائنا الأجلاء التي حققت وخدمت وكشف عنها الغطاء في هذا الزمان. ولما كانت الأوقات محدودة والهمم متباينة فإن "الدليل" قد قنع بإثبات المواد الدراسية النافعة في "مكتبة" الدليل حيثما تعذر الجمع بينها وبين ما أثبت في "برنامج الدراسة" أو تقديمها عليه، فلتكن منك على بال أخي الكريم أثناء دراستك لمستوى ما في منحى معين حيث إن كتب المكتبة اختيرت بقصد ويوصى بالاستزادة منها بعد الفراغ من المواد المنهجية الأصلية. وهذه بطبيعة الحال هي أولى المواد المثبتة في المكتبة، كي يجد الدارس لها عامة ما يحتاجه فيما يتعلق بما يدرسه. والمكتبة هي القسم التالي الذي ستتعرف أخي الكريم عليه.
وأخيرا فإن من أهداف "الدليل" إتاحة آفاق للمهتمين من القراء والدارسين وطلبة العلم لخدمة المواد المخصصة للدراسة المنهجية في مختلف المحاور، وهو ما سيتحدث عنه القسم الرابع من التعريف بمسارات الدليل.
تمثل مكتبة الدليل قاعدة بيانات تفصيلية لأهم الكتب التي تخدم مناحي "الدليل" الأربعة، منتخبة من بين آلاف الكتب المتنوعة في مختلف التخصصات. فبعد رسم التصنيفات والأقسام المختلفة لدليل القرآن أو العقيدة مثلا، تأتي عملية جمع الكتب التي تتناول الأقسام الفرعية لها وانتقاء المعتبر منها. وعملية الانتقاء تتم وفق منهجية علمية هي التي تُضفي على كل موقع يهتم بالكتب والعلوم الشرعية طابعه الخاص. ومثلما بينا في التعريف بالمدخل فإنه قد روعي في تخير الكتب اتباع نهج علمائنا المتقدمين والمعاصرين، والتنوع في المشارب والمذاهب – بما يتوافق وتنوع القراء والباحثين – والتدرج في المستويات، وغير ذلك من المعايير والشروط.
وعند اختيار كتاب ما يتم إثبات عامة البيانات المتعلقة به مما يحتاجه القارئ والدارس، متبوعا بتعريف بالكتاب صاغه مختصون في مراجعة الكتب وتقييمها.
إن مكتبة الدليل هي الجذور العميقة الراسخة لهذا العَلَم الممتد وسط أعلام مناهج أهل السنة المتنوعة المتكاملة، ذلك أنك – أخي القارئ/الدارس – تتعرف إلى أي إمام أو معهد علمي أو ملتقى شرعي بالكتب المعتمدة لديه والتي يزكيها ويرشد إلى اقتنائها. فدونك أخي الكريم معالم واضحة لهذا "الدليل" تبصر من خلالها إن شاء الله مقاصد هذا الملتقى وغاياته وإطاره العلمي والفكري الذي ينطلق منه.
تأتي "مشروعات" الدليل لتقدم المعونة وتمهد السبيل أمام طالب الهدى والحق، بعد أن تكاثرت لدينا الكتب والمواد العلمية وتنوعت المصادر المعرفية فصارت الحيرة سمة غالبة على من يطالعها ويتقلب بين جنباتها من السالكين.
ونرى أن من أنفع ما نقدمه للمسلم "المعاصر" هو خدمة علوم سلفنا الصالح وتقريبها – بصدق وأمانة – بما يوافق لغة العصر، وقد أرشدنا الله تعالى إلى ذلك فقال: ﴿وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم﴾ [إبراهيم: ٤]. فالبيان يقتضي مخاطبة الناس بما يعرفون. وعوضا عن الإكثار من التأليف والتصنيف فإن تقريب كتب المتقدمين أنفع وأرجى للبركة. لهذا كثيرا ما نطالع المختصرات والتهذيبات والأدلة المشجرة ونحوها من مصنفات المعاصرين التي تنحو هذا المنحى.
ونظرا لأن العمل المأمول محتاج إلى الجهد والوقت ليخرج على الصورة المرضية، فإن القائمين على "الدليل" لا يمكنهم إتمام جميع هذه"المشروعات" بأنفسهم، فلهذا قاموا بإطلاق المبادرة ووضع المنهجية التفصيلية لها مدعمة ببعض النماذج والأمثلة.
وقد كثرت في عصرنا القوالب والوسائط التي يمكن من خلالها عرض المحتوى العلمي بصورة واضحة وميسرة وجاذبة.
لذا فإن "الدليل" في انتظار مجهوداتك أخي الكريم ومن تعرف، فإن (الدال على الخير كفاعله).
يرشدك مدخل دراسة دليل القرآن وتفسيره - قارئنا الكريم - إلى مرتكزات الدليل ممثلة في وفرة مصادره، ووضوح منهجه، وتنوع مجالاته؛ ويقدم لك إضاءات حول تاريخ التفسير وعلوم القرآن ونشأتها، وموضوع الدراسة وآفاقها، ومكانة أصل الأصول وأهميته للمسلم بعامة ولفقيه القرآن بخاصة.
المزيديصحب مدخل دراسة دليل العقيدة والمنهج قارئه في رحلة ممتدة عبر عصور الإسلام يتعرف من خلالها على عقيدة أهل السنة والجماعة ومنهجهم في الاستدلال، ومكانة هذه العقيدة وخصائصها وأدوار العناية بها، إضافة إلى مصادرها ومجالاتها وسبيل دراستها للمبتدئ والمنتهي.
المزيدإن مدخل دراسة دليل الفقه وأصوله يأخذ بيد السالك على مراقي الفهم والاجتهاد، مبرزا أسس علم الفقه وأصوله، ومبينا مكانته في ديننا ومنزلته لأمتنا، إضافة إلى عنايته بخصائص الفقه الإسلامي ومصادره والأدوار التي مر بها والمنهجية المثلى لدراسته.
المزيدلا غنى للقارئ عن التمعن في مدخل دراسة دليل التاريخ الإسلامي والواقع المعاصر للاستبصار في حقيقة التاريخ ومنهجية دراسته، في خضم الاتجاهات الناكبة عن السبيل؛ ليتعرف على الآفاق المضيئة لدراسة حقب الإسلام المتعاقبة - بدءا من عهد النبوة والراشدين -، والتحديات التي واجهتها، ومقومات إخراج فقيه التاريخ وإخراج الأمة المسلمة.
المزيد